Wednesday, August 12, 2009

يوم داخل (الاتوبيس)




كنا جميعاً فى إنتظاره حتى اتى من بعيد, مضيئاً كشافيه مثل نور الشمس الساطع، و اخذ يبطئ و يبطئ و الناس يركضون عليه فى لهفة حتى توقف ,و اخذ صبى صغير يقف على الباب ينادى..." اكتوبر..أكتوبر فاضية أكتوبر".
لم اكن انوى الركوب وسط كل هذا الزحام و لكن تحت تأثير عنصرى الضغط و الدفع وجدت قدمى داخل "الاتوبيس" وعبر بذهنى إعلان "ريكسونا" مزيل العرق فوضعت منديل على انفى حتى لا اصطدم بالروائح النفاذه و الفيروسات المتاطيرة فى الهواء حتى التقط انفاسى عبر اى شباك مفتوح .امتلئت الكراسى سريعاً كما امتلئت جميع الاماكن التى يمكن الجلوس عليها مثل الأرض و الموتور و جانبى الباب، اتعاطف كثيراً مع هؤلاء الذين يحملون كماً هائلاً من الاكياس أو من الاطفال على اكتافهم و اعتبر نفسى من المحظوظين الذين استطاعوا الوقوف على درجات السلم , متمنية ان اجد "فتى الاحلام" الذى سوف يقف و يجلسنى مكانه قائلاً" اتفضلى اقع
دى انتى يا انسة"، و لكن اتضح انه حلم بعيد صعب ان يتحقق.











كالعادة بدأت مغامرة اول الخط بارتفاع اصوات الراكبين، فمنهم من يتحدث فى الهاتف بصوت عالى جداً " ايوه يا حماده انا رايحه لخالتك عشان بنتها ولعت" ، و منهم من تتحدث مع صديقتها التى تجلس بجانبها " انتى شوفتى البت سوسو كانت واقفة مع مين فى الجامعة انهارده؟!" و تتوالى الحكايات الواحدة بعد الاخرى و معظمها ليس لها معنى على الاطلاق.
تكملةً لهذه السيمفونيه العذبة نجد من يستمع الى الام بى ثرى "و مكسل يطلع سماعات" او من يبحث عن نغمة للموبايل فيعيد و يزيد فى التقليب بين نغمات المحمول مع تشغيل السائق لاغنية لاحد مغنييه الشعبيين المفضلين لتكون اغنية واحدة متكررة طول الطريق. لاول مره اعرف فعلا معنى " التلوث السمعى"و فصوت الركاب داخل الاتوبيس فاق ضوضاء الشوارع المزدحمة.
تعتبر ثانى مغامرة هى اختلاف السائق مع الركاب حول الاجرة هل هى 2 جنيه؟ ام جنيه و نص فقط؟.قد يتزعم الاعتراض احدى الركاب الذى يتحدث بقلب جامد كأنه زعيم وطنى يحاول الحفاظ على حقوق المواطنين و يسعى لتحفيز باقى الركاب ليتحدوا و يعترضوا على النصف جنيه الزياده مع استخدام اسلوب التهديد " خلاص يبقى تنزلنا ماترح ما جبتنا" او "اطلع بينا على القسم" و لكن فى النهاية غالباً ما ينتهى الخلاف بفوز سائق الاتوبيس بحجة " ده البنزين غلى يا اساتذة هوه النص جنيه ده هايفرق معاكوا فى ايه؟" فيتعاطف باقى الركاب و خاصة النساء "خلاص بقى ماهم برده غلابه".
هل فعلاً النصف جنيه "الى مش بيجيب حاجه" يمكن ان يكون سبب نزاع الافراد؟ و قد يؤدى الى الشتائم و احياناً الضرب، لاعتقاد كل من الطرفين انه صاحب حق و ان " ماينفعش يمشى كلامه عليا بالعافية".
يسود الهدوء فى منتصف الطريق, فمعظم الركاب قد غلبهم النوم من طول الطريق و شدة الزحمة و توقف السائق بين الحين والآخر للتحميل حتى اخر موقع قدم متبقى داخل السيارة.
أخيراً بعض طول إنتظار يقف احد الركاب و ينظر الى فى شفقة و يقول "اقعدى انتى, انا نازل المحطة الى جايه"، باستناء الاسلوب فى التعامل و تنازله فقط عن الكرسى لانه "نازل قريب" كنت سعيده جداً لاننى تمكنت من الجلوس بجانب النافذة و التقاط بعض الهواء المنعش.
ينتهى المطاف بنزول الركاب فى محطاتهم، الأمرالذى لا يسلم من الخلافات ,اما لأن احد الركاب نزل قبل محطته بـ "خمس خطوات" او امر احد الركاب السائق بالتوقف فجأة فاضطر للتوقف بعد المكان المقصود ببعض السنتي مترات فقط مما يتسبب فى ان يفقد السائق اعصابه قائلاً" هوه انا هنزل كل واحد عند بيته!". وصولاً بآخر المحطة حيث يقف السائق على بعد من الموقف المعتاد و يجبر باقى الركاب على النزول " هنا الآخر يا اساتذة! مش هاخش عشان الف من هنا" و تختتم المغامرة بنزاع اخير.


1 comment:

Shimaa Esmail said...

الأستاذة الفاضلة:SunShine.

صاحبة مدونة: Twisted thoughts
اعتذر عن الخروج من موضوع التدوينة، لقد أرسلت لك رسالة عبر البريد الإلكتروني تتعلق باستمارة استقصاء بيانات عن المدونات المصرية تشتمل على البيانات التي تساعدك على الإجابة عن الاستمارة.
أرجو الاهتمام والرد سريعا.
تحياتي وتقديري.
شيماء إسماعيل
باحثة بالماجستير- كلية الآداب جامعة القاهرة.